1
نحن في حضرة شاعر، وحريّ بنا حين نكون في حضرته أن نصمت لأنه ليس مع الشعر كلام، فكيف حين يكون واحداً من أجلّائه هو المحتفى به والمكرم، والصحيح أنه يكرمنا بحضوره ويلقي علينا من عباءة الذهب بريقاً فنلبس فرحنا به وننصت في خشوع العاشقين.
إبراهيم العريض، هذه الشعلة التي أضاءت أمام الشعر العربي في خليجه درب النور وأعطتنا صوتاً صادحاً بموسيقى سماوية.
إبراهيم العريض الذي فتحنا عيوننا على نشيده، وبلغنا الشباب ليظل صوته معنا وأمامنا، هو الرجل الذي أسمح لنفسي باستئذانه في أن يقبل بحضوره معنا، شكرنا لأنه بالعذاب قضى عمره ويقضي وفاء للكلمة الشعرية ولقيمتها الكبرى.
لقد عرفت شاعرنا وأستاذنا سيد حرف وأنا بعد على مقاعد الدارسة في سنوات العمر الأولى. وبين كل الجواهر التي كانت تعبر العين، ظلت جوهرة شعره تخطف القلب وتسحب الإكبار معها كلما يممنا وجهنا صوب قصيده، وتمتعنا بالتعرف إلى المعاني الكامنة فيه، وإلى الموسيقى التي لفرط دقتها، تعزف في القلب.
أيها الأصدقاء
ولم تكن البحرين وحدها العارفة بقدر شاعرنا الجليل وبسمو مقامه في دنيا الشعر العربي، بل تجاوز صوته حدود الصدى ليكون مرجعية شعرية في عالمنا العربي، وليلقى الترحاب والإعجاب حيث يحل.
أيها الكرام..
في حياة الأمم ساعات لها نكهة التاريخ وعبق عظمته، من هذه تكون ساعتنا لأنها تشهد للوفاء أنه القيمة الأسمى، وللشعر أنه الكلمة الأولى، لقد شئت، بمحبة وتواضع الابنة، أن أكون معكم، في دار من دور إبراهيم العريض، ووسط كوكبة من أهله وعشاقه وأصدقائه، ولو كان المراد حفلاً لكانت البحرين كلها هنا، عرفاناً وحباً ووفاء.
يا أهل إبراهيم العريض ويا أحباءه:
اسمحوا لي، مرة أخرى، أن أتوجه بالشكر من القلب لشاعرنا وأستاذنا الكبير لقبوله بتواضع الكبار وعظمتهم، أن نكون معه في هذه اللحظة الرائعة من عمرنا.
لكم الشكر وللبحرين التي أعطت وللجنة الاحتفاء التي حمل أمانتها الصديق العزيز الدكتور محمد جابر الأنصاري ورهط من أهل الفكر الذين شاركوا في تسجيل الصورة المشرقة لموهبة الشعر التي نجتمع حولها، كأساور اللؤلؤ حول الدرة المعطاء، تشهد للبحرين أنها أرض للكلمة ولإبراهيم العريض أنه كبير في عطاء الكلمات.
2
أيها الأصدقاء الأحباء..
مثلما يحمل العداء الأول مشعل الزيت ليوقده ناراً في جبل أوليمبيا، إيذاناً ببداية رحلة الماراثون، هكذا أجيء اليوم لأشعل قنديل زيت الوفاء من نار البحرين، ولأرفع بيميني الكويتية العربية مشعل التحية عرفاناً للبلد الذي منه أشرقت في خليجنا منارات العلم والثقافة الأولى قبل عقود طويلة من السنين.
أجيء إليكم يا أهلي ويا أحبتي لأن من حقكم علينا أن نحمل جرارنا لنملأ من زيتكم ومن مائكم ما يوقد نار الحياة ويروي عطش الأحياء.
أجيء إلى نبع عذاري وقد روى البعيد وما أنا بالبعيدة، وهذه المرة يروي القريب وأنا من القريب إليكم، أستشعر الجفن يغمض على الجفن لتبقى العروبة عيننا معاً، تجمعنا ولن يفرقنا في الأرض سيف.
نجيء إليكم اليوم ليكون احتفاؤنا المشترك، بيوم الشاعر البحريني الكبير الأستاذ إبراهيم العريض، رمزاً لعمر طويل لنا في حياة واحدة، وشراكة في المصير الواحد، وتطلعنا إلى غد يمتلئ بعنفوان الحلم.
لقد كانت البحرين منارة الحرف لنا ومن حقها علينا أن نجيء إليها في يوم إبراهيم العريض لتأكيد توءمة الروح في رحم الوجود الواحد.
نجيء إليكم مدينين، متطلعين إلى سداد بعض ما لكم في ذمتنا الثقافية من دين علينا، مؤملين أن تقبلوا سداده ولو بدا متأخراً في الحين.
أيها الأصدقاء..
لقد أرست “دار سعاد الصباح” هذا النهج الجديد في تكريم الرواد الأحياء، عرفاناً بفضلهم علينا وإكباراً لدورهم في تاريخنا الثقافي على تعدد جداوله وتنوع ينابيعه. وكانت خطوتنا الأولى، العام المنصرم، في تكريم أستاذنا الجليل عبدالعزيز حسين في الكويت، وهي اليوم تسعد وتكبر بتكريم شاعرنا الأستاذ إبراهيم العريض، وسوف يكون عامنا المقبل الرحلة الثالثة في مسيرة الوفاء بتكريم شاعرنا وأستاذنا نزار قباني.
وإنني إذ أرجو الله أن يوفقني لإرساء دعامة الإكبار والوفاء، أدعوه عز وجل أن يحفظ أمتنا من أنياب السوء، وأن تجدد الثقافة العربية دورها مشعلاً يضيء الدرب، ودرعاً يحمي التاريخ.
شكراً لكم هذا الحضور، فأنتم فيه أهل الفضل وأهل المكرمة.
لكم الشكر وللبحرين التي أعطت وللجنة الاحتفاء التي حمل أمانتها الأستاذ الدكتور محمد جابر الأنصاري ورهط من أهل الفكر الذين شاركوا في تسجيل الصورة المشرقة لموهبة الشعر التي نجتمع حولها، كأساور اللؤلؤ حول الدرة المعطاء، تشهد للبحرين أنها أرض للكلمة ولإبراهيم العريض أنه كبير في دنيا عطاء الكلمات.