أيها الأصدقاء الأجلاء
ضيفنا العزيز الأستاذ عبدالكريم غلاب
سيداتي وسادتي:
عندما أطالع وجه السماء ألمح مئات النجوم تتلألأ في إعلان واضح للإرادة الإلهية السامية التي أوجدت هذا الكون وأعطت الحياة فيه للأرض وللسماء، للبشر والماء والحجر.
وعندما أطالع وجه المغرب تعود بي الذاكرة لتلك الصداقة الأخوية التي كانت تربط بين جلالة الراحل الملك محمد الخامس الكبير وبين زوجي وصديقي الشيخ عبدالله المبارك الصباح لأربعين مضت من السنين، حيث جئت بلدكم الرائع بصحبة الزوج الكبير، وحللنا ضيوفاً على جلالة الراحل العظيم الملك الحسن الثاني رحمه الله.
لقد طفنا المغرب وزرعنا في قلوبنا محبته كما زرعت يد الله كل هذا الجمال في ربوعه وهذه الخضرة في روابيه، جارة لزرقة المتوسط والأطلسي ليكون المغرب بذلك جسر الأمان في دنيا المحيطات وزهرة المحبة في متون الأرض.
منذ ذلك الوقت عرفت المغرب في عيون تفرح للأمل وفي بهاء الطبيعة التي تزداد بريقاً يوماً بعد الآخر. كما عرفته في نتاج فلسفي وعلمي وأدبي وتاريخي متعدد الأصوات، ولكنه موحد الغايات وكبير التطلعات لعالم أفضل.
ووسط هذه الكوكبة من النجوم في عوالم اليقظة القومية، كان أسم المبدع العربي الأستاذ عبدالكريم غلاب ساطعا كالشهاب ومنيراً كينبوع ضوء.
وإذا كان من نوادر العصر أن يستمر المبدع في عطائه لأكثر من خمسين عاماً، فان ضيفنا هو واحد من علامات الندرة الإبداعية إذ لا يزال، وله العمر الطويل، معطاء في مختلف صنوف العطاء، ومستمراً دون توقف في تدوين الكلمات: قلادات من الجوهر وسحباً من متون الرواية والقصة والتفسير والدراسة والمقالة. وفي ذلك تنوع يتطلب طاقة خلاقة هادرة، وإنها في الأستاذ عبدالكريم غلاب واجدة ذاتها في ذاته، وصوتها في حروفه وضوءها فيما صاغ من جوهر الرؤى والصور والأحلام.
أيها الحفل النبيل:
أمام هذا الطود الشامخ بعنفوان الإيمان القومي، في زمن ضاعت فيه الإرادات والعقول، واستبيحت الكرامات وحل التخاذل محل الكبرياء.
أمام هذا الصوت الطاهر في زمن الرداءة وبؤس القيم، نقف بالإكبار تحية لرجل حقيقي، رداؤه الإيمان وسيفه القلم المؤمن بالعروبة مصيراً وبالنصر قدراً، لنقول له: شكرا يا سيدي لك، وشكراً للمغرب الذي أعطى الأمة بأمثالك نموذجاً وقدوة ومشعلاً للحق لن يغيب.