أيها السيدات والسادة
يشرفني باسم دار سعاد الصباح للنشر افتتاح هذه الندوة التي تعقد تعزيزاً لمفهوم حقوق المرأة السياسية في الكويت، مستنيرين بتجارب سبقت في دول ثلاث هي: لبنان ومصر وباكستان. وفي قياس التجارب الثلاث، على تعدد البنى الاجتماعية والثقافية والسياسية والتراثية، هناك ما يوحد بينها، إذ إن هذه التجارب تمت في دول عربية وإسلامية، مما يجعل القياس سليماً في المبدأ.
لقد عرفت قضية حقوق المرأة السياسية في العالم جدلاً كان يتسم بالعقم في حين، وبالتنوير في حين، وحيث تصادمت المواقف كان الفوز في نهاية المطاف لحقوق المرأة، باعتبارها تجسيداً لحقوق الإنسان، لا انفصام بينهما ولا فراق. إذن فقضية حقوق المرأة السياسية هي جزء أساسي من معركتنا لتثبيت حقوق الإنسان وليست قضية جنس من أجناس البشر ومخلوق عجيب من مخلوقاته.
وإذا كان يحلوا للبعض أن يستدير إلى الوراء ليقول إن المرأة لم تشارك في الحياة البرلمانية السياسية في بلد مثل سويسرا إلا قبل سنوات فإنني أحيله إلى عصر بزوغ الإسلام وفي دنياه الأولى.
إن قضية حقوق المرأة السياسية كانت موضع جدل واختلاف في مجتمعات غير إسلامية، وذلك لدوافع اجتماعية وسياسية وطبقية، وإنني أجل المجتمعات الإسلامية أن تنزل إلى مثل هذا الدرك لأن الإسلام يحصن الإنسان بالسمو، ويهدف إلى رفع شأنه وتفعيل دور العقل فيه. الإسلام دين الحياة، والحياة بطبيعتها متطورة نحو الأفضل، وتخضع لمتغيرات لا يملك أحد إلغاءها.
وضمن إطار هذه الحقائق فإن الدعوة إلى مشاركة المرأة الكويتية في حقوقها السياسية تأتي انسجاماً مع دستورنا ومع مفاهيمنا الأساسية لدورها الذي كان، عبر تاريخ الكويت، كبيراً وجوهرياً.
إن الذين يستكثرون على المرأة حقوقها السياسية مدعوون إلى إعادة قراءة لائحة الشهادة التي تركتها أحداث الغزو الأحمق. إن شهيدات الكويت، قد أثبتن حق المرأة في أعلى درجات العمل السياسي وأعني الموت من أجل حياة الأمة وشرفها وحريتها.
أيها الحضور الكريم:
إن حقوق المرأة السياسية في الدول الثلاث التي سوف تطرح تجاربها للبحث والمقارنة مصانة. ولكن ما أتطلع إليه هو اعتراف أهم ألا وهو الاعتراف بعقل المرأة وحقها في المطالبة برفع الحصار عنه حتى تستطيع أن تختار وتمارس حقوقها السياسية التي لا بد أن يجيء اليوم الذي تكون فيه من نصيبها ضمن تطور الزمن.
ولقد تشرفت وعلى مدى العشرين عاماً الماضية، وضمن فهمي القومي الثقافي، بالعمل وبالمشاركة وبرعاية العديد من الندوات والمهرجانات الثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، والتي عقدت على امتداد الخارطة الثقافية للوطن العربي، تشرفت بالسعي إلى إعلاء كلمة العقل وإلى جعل الاعتراف بحق المرأة في عقلها الحر مطلباً يجب أن تحرص المرأة عليه قبل سواه من حقوقها.
على بركة الله، وبهدى العقل الذي شرفنا الله به، أفتتح هذه الندوة، شاكرة لجمعية الخريجين الكويتية مبادرتها النبيلة ولضيوف ندوتها المحترمات والحضور كل الإكبار والاحترام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته