كلما وقفت في جمع البراعم المقبلة على الدنيا تتملكني السعادة؛ ذلك أنني أرى في كل فتى رمح حياة، وفي كل صبية نخلة عمر. وكم هو رائع هذا اللقاء يجمع بين الرمح والنخلة رمزاً للثبات على طريق العلم والنور، وللتطلع المشوق إلى الغد الأجمل.
يا فتية اليوم ورجال الغد
يا صبايا اليوم ونساء الغد
أنتم اليوم جميعاً تقبلون على خطوة جديدة تنتقلون معها من حالة التزود بنار المعرفة الأولى، متجهين إلى معركة استكمال العلم والتهيؤ لحقبة مثيرة وغنية من حياتكم.
لقد كانت السنوات الماضية مليئة بذكريات، هي الغالية عليكم والجميلة في إيقاعها الفتيّ، وها أنتم الآن تتجهون إلى متابعة التحصيل العلمي في بقاع شتى من الأرض، يحدوكم الأمل في الاستزادة من العلم لأنه سلاح الطموح وأساس البناء الكبير لحياة كل منكم. من غير العلم لا حياة كريمة للناس بعد اليوم، ومن غير العلم لا طموح حقيقياً للحصول على الفرص الشجاعة لتكوين أسرة جديدة في حياة الأمة.
لقد كتب الله لكم، بفضل منه، وبفضل من آبائكم وأمهاتكم الذين ضحوا كثيراً لتوفير العلم لكم في هذه المدرسة الراقية، وأعطوكم وسيظلون على عهد العطاء. لقد كتب الله لكم فرصة حقيقية للسير على خطى الباحثين عن العلم المتقدم، في وسط معجون بالأخلاق وبتضحية الإدارة والمدرسين والمدرسات، والذين هم أيضاً بذلوا ويبذلون الكثير من أجل تكوين شخصيتكم، فضلاً عن تزويدكم بالمعرفة. وقد أحسنتم الإفادة من هذه الفرصة، وها أنتم أمامي مشاعل من نور يضيء ومن فرحة عمر في العين تكبر، فتكبر معها سعادتنا كلنا وفرحنا جميعاً بكم.
لقد كان التحصيل العلمي هدفاً نبيلاً للإنسان قبل أن يعي ذاته، ثم تأكد في جميع الأديان السماوية السامية، وتعزز في وعي المجتمعات والمفكرين فكانت الدعوة الدائمة للتحصيل العلمي وللتقدم في دروبه.
أيها الأحباء..
أنظر في وجوهكم فيفرح مني القلب.
أنظر في وجوه آبائكم وأمهاتكم فتسعد مني الجوانح.
وأرقب فرحة كبيرة في عيون من كان لهم شرف وفضل مساندتكم والأخذ بيدكم إلى طريق الفلاح، في بلد كان وسيبقى واحة الأمان وبئر المعرفة لكل مواطن فيه ولكل مقيم صديق وحبيب عرفه.
وإننا إذ نشترك معاً في اقتسام لحظات المجد هذه، نعرف كم هي ثمينة وغالية لأنها ترمز إلى انطلاقة هذه الكوكبة، من الرماح والنخلات نحو غد مشرق بالنور وبالأمل.
أيها الأحباء..
لكم الفوز والنجاح حيث ذهبتم.
لكم الحياة الفضلى التي تبنون بعقولكم وبسواعدكم المؤمنة بالله العزيز القدير، وبالوطن الذي يبقى شامخاً كالشمس في صدوركم.
لكم التهنئة والدعاء والله معكم حيث تكونون، وقلوبنا معكم تقول لكم: مبروك.. ألف مبروك عليكم يوم تخرجكم الجميل هذا.
والسلام عليكم..