ارفعي المشعل
في بلادي، في مغاني أرض أجدادي الجميلة
لي مع الأيام أخبار.. وأسرار طويلة..
هل أبوح اليوم بالشجو لأحبابي وقومي؟..
فلعل البوح يجلو عن فؤادي بعض همي..
يا بلادي أنت أنأى من سنى الأنجم عني
بيد أن الجرح في الأعماق يبكي.. ويغني..
غرباء الأرض أغراهم بريق الذهب
فاستباحوا دون حق، أرض أمي وأبي..
وغدا ديدن أهل الحي، خبثاً ونفاق..
كيف يرتاح الضمير الحر، والحق مراق؟..
في بلادي، في مغاني أرض أجدادي الجميلة
نسي الناس من اليأس التواريخ الجليلة
ذابت الأحلام، والآمال، في الدمع السخين
وجرى الدمع دماً يبكي على الحق السجين
أضحت الأخلاق بين الناس عملات قديمة..
سحب الحب طوتها عبرة الجرح الأليمة
كلما عدت أراني، في حمى أهلي غريبة..
وهم مثلي أغرابٌ.. على أرض سليبة..
نحن أمسينا مع الأغنام في أرض بلادي
والكلاب السود ترعى، والخنازير تنادي..
ربما تأكلنا يوماً.. وباسم المدنية..
يسقط الوعي.. ويغدو الشعب للغازي ضحية..
ثم نمسي بعد هذا الهون، تاريخاً قديماً
ورسوماً باليات.. آه ما أشقى الرسوما
سيقولون: هنا.. كانت.. كويت وإمارة..
رفعت في البحر، قبل البر، أعلام الحضارة..
شقت الريح، وأجرت في المحيطات السفينة
قبل أن ينشأ ملك، وملوك.. ومدينة..
ثم غرتهم أباطيل الحضارات الجديدة
فتناسوا أنهم إرث التقاليد العتيدة..
يا شبابي.. إن فيكم كل آمالي الرفيعة
وبلادي بين أيديكم، تراث ووديعة..
فانهضوا من غفوة الوعي، ومن أسر السكينة
قبل أن تغرق في الطوفان، أعلام المدينة..
انهضوا.. لا النار والبترول في أيد أمينة
لا.. ولا أنتم على وعي بأطماع دفينة..
اطرحوا كل بريق، وتناسوا كل زينة..
واجعلوا أيديكم درعاً على الحق أمينة..
كل ما يبنى على الرمل.. هباء في هباء..
فابتنوا في العمق، ما يرقى لأسباب السماء
يا كويتي، يا بلادي، يا حياتي، يا مصيري
هأنا أشعر أني، ضل في الأرض مسيري
فخذي العبرة مني.. وامسحي زيف الدهان
وأفيقي للعوالي، قبل ما يمضي الأوان
هذه الأيام.. لا تعرف معنى للسبات
والذي يغفل، تطويه رياح الذكريات..
حركي فيك الشباب الحر.. نحو الأمنيات
ليس في الدنيا ثبات.. بل حياة أو ممات..
أرجعي ماضيك الخالد، حلو النغمات
وارفعي في العرب المشعل.. تحلُ الأمسيات..