بصمات
ماذا أفعل بتراثك العاطفي
المزروع في دمي
كشجرة ياسمين؟
ماذا أفعل بصوتك الذي
ينقر كالديك وجه شراشفي؟
ماذا أفعل ببصمات ذوقك
على أثاث غرفتي؟
بتماثيل السيراميك المبعثرة في الزوايا
باللوحات التي انتقيناها معاً
والكتب التي قرأناها معاً
والتذكارات السياحية
التي لملمناها من مدن العالم
وبالأصداف التي جمعناها
من شواطئ البحر الكاريبي؟
قل لي سيدي:
ماذا أفعل بهذه التركة الثقيلة من الذكريات
التي تركتها على كتفي
وعلى شفتي؟
لقد حاولت أكثر من مرة
أن أتخلص منك.. ومنها..
لكنني خجلت من بيع تاريخي
وبيع مشاعري..
وبيع ضفائري..
في المزاد العلنيِّ!!
إلى أي مدينة من مدن العالم
سأذهب؟
ومعك خرائط كل الأمكنة
وفي أي مقهى سأجلس؟
وأنت احتكرت أشجار البنّ..
ورائحة القهوة..
وبأية لغة سوف أتكلم؟
وبيديك مفاتيح لغتي..
حاولت ترحيلك
إلى الوجه الثاني من القمر..
فلما طلع القمر
عدت مع أشعته..
ووجدت وجهك مرسوماً على زجاج نافذتي
حاولت أن أرسلك إلى أمك
التي علمتك الدلع.. والفوضى..
وهواية جمع الطوابع..
وجمع النساء..
ولكنها أعادتك لي بالبريد المضمون..
مع أطيب التمنِّياتْ…
حاولت إدخالك إلى مدرسةٍ داخلية…
تتعلم فيها شيئاً من الحبّ..
وشيئاً من الشعر..
وشيئاً من الفروسيةْ
ولكن ناظرة المدرسةْ
أرجعتك في نهاية اليوم الأولْ
بعدما تعاركتَ مع جميع الأساتذة..
وأضرمت النار في ثياب التلميذات!..
حاولتُ أن أقتلعكَ من تراب ذاكرتي
فوجدتُ أنك متشبث بأنسجتي
كنَبَاتٍ بحريٍّ
حاولتُ أن أقتلع رائحتك
من مسامات جلدي
فتساقط جلدي
ولم تخرجْ أنتَ!!
حاولتُ نفيكَ إلى آخر الدنيا
هيَّأتُ حقائبك
واشتريتُ بطاقة السفر
وحجزتُ مكاناً لكَ على أول سفينة
وعندما تحركت السفينة
تحركتْ الدمعةُ في عيني
واكتشفتُ، وأنا على رصيف المرفأ
أن الذي ذهبَ إلى المنفى
هو أنا لا أنت..
كل شيء قابل للمحو، يا سيدي
إلا بصماتك المطبوعة على أنوثتي..