أَحزانٌ سائِحة
سائحةٌ أنا.. أجوبُ في الوَرى كلَّ فضاءْ
ولي فؤادٌ نازفٌ، بعدَك شلّال دماءْ
والعنكبوتُ ناسجٌ في داخلي بيتَ شقاءْ
حقيبتي مرهَقةٌ تململتْ من العَناء
وبهتتْ ألوانُها وأصبحتْ بلا رواء
تسألُني: متى نعودُ للحنان والوفاءْ؟
للحبِّ في قاهرتي، وللجمالِ والصفاء
فلا أرى لي سَلوةً في غربتي سوى البُكاء
وما رثتْ لأدمعي الغِزار أدمعُ السّماءْ
في بلدٍ كأنّه جهنّمٌ بلا هواءْ
كأنّه يقبِسُ من قلبي وقلبِك اصطلاء
وأهلُه قلوبُهم من كلِّ أُلفةٍ خواءْ
كأنّ في أعماقهم مجاهلاً من الشّتاء
أعماهمُ الدولار عن معنى الحياةِ والفداء
فأصبحوا شَراذماً من العبيدِ والإماءْ
عشرون يوماً ها هنا.. عواطفي بلا غِذاء
أعيشُها في غُربتي بلا منىً ولا رجاءْ
وأنتِ يا قاهرتي الحسناء.. يا أغلى دُعاء
هل تشهدينَ أدمعي وتحملينَ لي الرِّثاءْ؟
هل تلمَحين في قصائدي مآتمَ المساءْ؟
هنا نواقيسُ المعابدِ الحزينةُ النداءْ
كأنّها أصداءُ أحزاني تملأُ الجِواء
هنا الجبالُ الخضر في عينيَّ سوداءُ الرِّداءْ
والمدُنُ الرحْبة تبدو لي كأنّها خلاء
والبحر لا يجري، ولا يخطرُ في مجراهُ ماء
فكلُّ شيءٍ حائلُ الألوان، مشلولُ الضياء
إلّا بقايا أملٍ تدفعُني إلى البقاءْ
تسعِدُني الأحلامُ فيها بأغاريدِ اللقاءْ
على ضِفافِ النِّيلِ.. عاش النيلُ قُدسيَّ العطاءْ