زمانُ اللُؤْلُؤ
في بلادي، في مَغاني أرضِ أجْدادي الجميلةْ
في البوادي.. بعدَ أجيالٍ من الصَّفوِ طويلةْ
ذاتَ يومٍ.. هبطَ السّاحرُ من ماء السماءْ
فكسا بالذَّهَبِ الأسودِ أرضَ الصحراءْ..
ورآهُ القوم.. واستغرقَهم هذا البريقْ
فتناسَوا أنّهم جاؤوا مِن البيتِ العتيقْ
أنّهم جاؤوا وفي جَعبتِهم خيرُ عتادْ
من تقاليدَ، وأخلاقٍ، وحبٍّ للجهادْ
وتناسَوا لذَّةَ الكدِّ وأيّامَ الأرقْ
وتناسَوا لُقمةَ العيشِ يُزكّيها العرَقْ
والسُّرى في زحمةِ الأمواج، في وجه الرّياحْ
وكفاحَ البحرِ.. ما أعظمَهُ هذا الكِفاحْ
والصّواري رافعاتٍ في الورى أشرفَ بندِ
وعناءَ الرِّحلات الهُوج، في هندٍ وسندِ..
يا لَأجدادي.. وكمْ أودى بهمْ طُولُ الطريقْ
في سبيلِ المجد، ما بينَ شهيدٍ وغريقْ
يا لَهم، واللؤلؤُ المكنونُ في جَوف البحارْ
لم يزلْ يسألُ عنهم، كلَّ ليلٍ ونهارْ
لم يزلْ في شُعَب المرجانِ حيّاً ودفينْ
في قرارٍ لم تطأْهُ قدَمٌ منذُ سنينْ
هاتفاً: ماذا دهاكُم يا بَني الجيلِ الجديدْ؟
فقنعْتُمْ بالرغيفِ السّهلِ والعيشِ البليدْ
وقعدْتُم عن طِلابي، وزهدْتُم في حِياضي
أترونَ الذَّهبَ الأسودَ أصْفى من بَياضي؟
في بلادي.. في مَغاني أرضِ أجْدادي الجَميلةْ
لي حكاياتٌ، وآياتٌ، وأبياتٌ طويلةْ
سوف يروي سِرَّها الأطفالُ للأجيالِ عنّي
وعن اللؤلؤِ والمرجانِ في العهدِ الأغنِّ
وعن الغوّاصِ لا يعرف ما لونُ الهمومْ
وهو يهوي في دُجى البحرِ، ويصطادُ النجومْ
لِيُسوّيَها عقوداً في صدورِ الغانياتْ
تملأُ الأيّامَ نوراً وتضيءُ الذكرياتْ
هكذا ينتحِرُ الخيرُ وتبقى الذكرياتْ
يا زمانَ اللؤلؤِ الحُرِّ.. زمانُ الحُرِّ فاتْ