غَاسلةُ الثّياب
جاءتْ تُطالِعُني بشَكواها
والحزنُ يصرُخُ في مُحيّاها
والماءُ يقطُرُ من أناملِها
وتكادُ منه تذوبُ كفّاها
غسّالةٌ، والفجرُ شاهدُها
والماءُ والصّابونُ خِدْناها
ومعَ الأذانِ تهُبُّ كادحةً
تشكو إلى الرحمنِ بَلواها
وقفتْ تقصُّ عليّ قصّتَها
وبكفِّها الصابونُ والماءُ
قالتْ: عيالي ستةٌ ولهم
في العيشِ حاجاتٌ وأعباءُ
وأبوهمُ أزرى الهزالُ به
ومشى بصُلْبِ عروقِه الدّاءُ
أشقى لأدفعَ عنهمُ حالاً
لا شئتُ قسوتَه ولا شاؤوا
مرَّ الشبابُ، وكنتُ صامدةً
وقضى، وكنتُ قويّةَ الباعِ
هذي الثلاثون التي انصرمَتْ
في العُمر، تحمِلُ صيحةَ النّاعي
هذي أنا، والبردُ في رئتي
يغتالُ أوصالي وأضلاعي
ويَدي تجِفُّ، كأنّما صهرتْ
ينبوعها في نارِ أوجاعي
بيني وبينَ اللهِ، ما بَذلتْ
كفّي لها، لتبدِّدَ الياسا
وشعرتُ حين رأيتُ بسمتَها
بسعادتي فِكراً وإحساسا..
ليسَ السعيدُ مَنِ اغتنى ليرى
مَنْ حولَه يقضون أنفاسا
إنَّ السعادةَ عند ذروتِها
هي أنْ أعيشَ لأُسعِدَ الناسا