هواجِسُ الوَداعِ
أنتَ أدرى بالذي هزَّ كياني.. أنتَ أدرى
عندما حانَ الوداعُ المرُّ.. والنظرةُ حَيرى
طالتِ الساعةُ حتى أوشكتْ تصبِحُ دهرا
وصحا الشوقُ فلم أملِكْ على بُعدِك صبْرا
وتوسلتُ إلى روحِك، والأدمعُ تترى
أتمنّى نسمةً تبعثُ أنفاسَك عِطرا..
ولو انَّ السِّحرَ يُجدي، لسألتُ اللهَ سحراً
يجعلُ الفرقةَ لُقيا، ويحيلُ اليأسَ بُشرى..
آهِ لو كانَ إلى العودةِ يا مَولاي مَسرى
لفرشْتُ الهُدْبَ فوقَ الدربِ للعودة جِسرا
وملأتُ الجوَّ نِسريناً، وريحاناً، وزهْرا
لِهوىً يبقى مدى العُمر، ولا يعرِفُ هجْرا
كُلّما ألقاكَ جنْبي أجدُ الأيّامَ نُضرا
وأرى الظُّلمةَ نوراً.. وأرى الصّحراءَ خضرا..
يا حبيبي أنا لا أرجو على حُبِّك أجرا
أنا لا أطلُبُ أنْ تجعلَ لي قلبَك قصْرا
أنا لا أطمعُ في بابلَ أو إيوانِ كسرى
كُلُّ ما أرجُوهُ أنْ تحنُو على الأحلامِ صدرا
وتُحيلُ الجوَّ تَحناناً، وإحساناً، وبِرّا
غيرَ أنّي يا حبيبي لستُ أخفي عنكَ سِرّا
أنا أحيا في صراعٍ من دَمي تيهاً وكِبرا
فأمانيَّ، برغم الحُبّ، أحرارٌ وأسرى
هُنّ أحرارٌ لأنّ اللهَ صاغ القلبَ حُرّا..
هُنّ أسرى كبريائي، وهي بي أَولى وأَحرى
كِبريائي هي، مِن كُلّ المُنى أعظمُ قدرا
فإذا ما صُنْتَها لي، باتَ لي حُبُّك ذُخرا
وانجلى الليلُ، وأضحى العُمرُ في قُربِك فجْرا
تتغنّى.. فتَراني كالصّدى يرجِعُ فورا..
وتُنادي.. فتَراني لستُ أَعصي لكَ أمرا
تلكَ أحلامي… وما لي مِن منىً في الكونِ أُخرى.