أعتذرُ لك..
1
أعتذِرُ لكَ يا سيّدي..
أعتذِرُ لكَ يا سيّدي..
أعتذِرُ لكَ.. من أعماقِ القلب،
ومن تشقّقات الفكر،
عن الزّمنِ الضائع..
الذي لم تكُن فيه حبيبي
أعتَذر لَك عن الصّيْفِ والشّتاءْ
وعن الخريفِ والرّبيعْ
وعن كلِّ جزءٍ من أجزاءِ الثانيَة..
لمْ أُخبئك به تحت أجفاني
ولم أسقِكَ من حليِبِ حناني.
2
أعتذِرُ لكَ يا سيّدي..
أعتذِرُ لكَ عن طفولتي،
التي مرّت بلا لونٍ.. ولا طعمٍ.. ولا رائحة..
فلا قرأتُ خطوط يديكَ جيّداً
ولا استوعبتُ رائحةَ شجاعتِكَ جيّداً
أعتَذرُ.. عن أيّامي التي لم تكُن أيّاماً،
وتاريخي.. الذي لم يكُن تاريخاً..
وحدائقي.. التي كانتْ لا تُزهِر..
وسمائـي.. التي كانت لا تُمطِر..
3
أعتذِرُ لكَ يا سيّدي..
عَن مئَةِ عامٍ من العزلة،
لم تطلعْ فيها من فكري
شَجرةٌ واحدة..
تُغَيّرُ تاريخَ الشجر..
ولا بنفسجةٌ واحدةٌ تغيّرُ تاريخَ البنفسج،
ولا قصيدةٌ واحدةُ تغيّرُ تاريخَ الشعر.
4
أعتذِرُ لكَ يا سيّدي..
أعتذِرُ لكَ.. ولو بصورةٍ متأخّرة..
عن المُدنِ التي زرتها وحدي..
وطائرةِ الكونكورد التي سافرتُ بها وحدي..
والشّوارِعِ التي تسكّعتُ فيها وحدي..
والأمطارِ التي تبلّلتُ بها وحدي..
والمكتباتِ التي قرأتُ كتبها وحدي..
أعتذِرُ.. لك..
عن الفنادق الموحِشة التي دخلتُ إليها وحدي،
وبكيْتُ بين جدرانها وَحدِي..
أعتذِرُ لكَ عَن سنواتِ اليُتّم العاطفيّ التي عشتُها
قبل أن تكونَ سيّدي.. ومليكي..
5
أعتذِرُ لكَ يا سيّدي..
أعتذِرُ لكَ للمرّةِ الخمسين..
عن كلِّ زاويةٍ من فكري لم تشملْها برضاك
وكلِّ سنتيمتر من شَعرِي
لم يدخلْ في قائمةِ ممتلكاتِكْ
وكلِّ خيطٍ من ثيابي لم يخضرْ لابتسامتِكْ
أعتذِرُ لكَ عَن كلّ الرسائل
التي كتبتُها إليك قبل ولادتي..
ولم أسلّمها إليْك..
وعن كلِّ الأحلام التي رسَمتُها بألوانِ الطّيْف
على جُدران رحمِ أمّي..
ولم تصلْك..
وكلّ الأسماكِ التّي التقطتُها
لك من بحيرةِ القمر..
وماتتْ بين يدي.