السمفونيّـة الرّماديّة..
1
يا أحبابي..
كانَ بوُدّي أن أُسْمِعَكُمْ
هذي الليلةَ، شيئاً من أشعارِ الحُبّ
فالمرأةُ في كلِّ الأعمارِ،
ومن كلِّ الأجناسِ،
ومن كلِّ الألوانِ
تدوخُ أمامَ كلامِ الحُبّ
كان بِوُدّي أنْ أسْرقَكُمْ بِضْعَ ثوانٍ
من مملكةِ الرّمْلِ، إلى مملكةِ العُشْبْ
يا أحبابي..
كان بودّي أن أُسْمِعَكُمْ
شيئاً من موسيقى القلبْ
لكنَّا في عصرٍ عربيٍّ
فيهِ توقّفَ نَبْضُ القلبْ..
2
يا أحبابي..
كيف بوُسعي
أن أتجاهلَ هذا الوطَنَ الواقعَ في أنياب الرُّعبْ؟
كيفَ بوُسعي
أن أتجاوز هذا الإفلاس الرُّوحيَّ
وهذا الإحباط القوميَّ
وهذا القَحطَ.. وهذا الجَدْبْ؟
3
يا أحبابي..
كان بودّي أنْ أُدْخِلَكُم زَمَنَ الشِّعرْ
لكنّ العالم.. وا أَسَفَاه.. تحوَّلَ وحشاً مجنوناً
يَفْتَرِسُ الشِّعرْ
يا أحبابي..
أرجو أن أتعلَّم منكُمْ
كيف يُغنّي للحريّةِ مَنْ هو في أعماقِ البئرْ؟
أرجو أن أتعلَّم منكُمْ
كيْفَ الوردةُ تنمُو من أشجارِ القهرْ؟
أرجو أن أتعلَّم منكُمْ
كيفَ يقولُ الشاعرُ شِعراً
وهو يقلَّبُ مثلَ الفَرْخةِ فوقَ الجمرْ؟
4
يا أحبابي..
لا هذا عصرُ الشِّعرِ، ولا عصرُ الشُّعَراءْ
هل يَنْبُتُ قمحٌ من جَسَدِ الفقراء؟
هل يَنبُتُ وردٌ من مِشنَقَةٍ؟
أم هل تَطلَعُ من أحداقِ الموتى
أزهارٌ حمراء؟
هل تَطلَعُ من تاريخِ القَتْلِ قصيدةُ شعرٍ؟
هل تخرُجُ من ذاكرةِ المَعدِنِ يوماً قطرةُ ماءْ؟
5
تتشابهُ كالرُّزِّ الصينيِّ..
تقاطيعُ القَتَلَة
مقتولٌ يبكي مقتولاً
جُمْجُمةٌ تَرثِي جُمجُمةً
وحذاءٌ يُدفَنُ قُرْبَ حذاءْ
لا أحدٌ يعرِفُ شيئاً عن قبرِ الحلاّجِ
فنِصْفُ القتلى في تاريخِ الفِكْرِ،
بلا أسماءْ..