المتاجرة بحليب أطفال
آخر ما ابتكره الغزاة العراقيون لدولة الكويت، هو المتاجرة بحليب الأطفال.
فقد أعلنت سلطات الاحتلال أن الحصار العالمي المفروض على العراق سوف يطول الأجانب الموجودين في العراق والكويت المحتلة، بما في ذلك أطفالهم.
(انتهى النص)
هذا هو النص الحضاري والإنساني الرفيع، الذي صدر عن سلطات الاحتلال في الكويت.
وهو نص لم نقرأ مثيلاً له في تاريخ كل الغزاة والفاتحين، ولا نعرف له شبيهاً في وقائع كل الحروب القديمة والحديثة.
ولا نتذكر أن هولاكو أو تيمورلنك أو جنكيز خان أو جمال باشا السفاح أو غيرهم من الطغاة المشهورين فكروا في سرقة غذاء الأطفال أو المتاجرة بجثثهم.
وربما كان الإمبراطور السيئ الذكر بوكاسا هو الديكتاتور الوحيد الذي كانت هوايته أن يذبح تلاميذ المدارس، ويخزن لحومهم في ثلاجة قصره، ويقدمها إلى ضيوفه في الولائم الرسمية.
فهل انتقل الرمز الأفريقي البشع إلينا؟ بحيث صار لدينا من له هواية تخزين الرهائن الأجانب في فنادق الكويت والتلذذ بتجويع أطفالهم؟
وإذا كنا نفهم أن يقاتل النظام العراقي العالم كله، فإننا لا نفهم أبداً أن يقاتل أطفال العالم أيضاً، بكل براءتهم وطهارتهم وطراوة عظامهم.
لماذا نحاول دائماً أن نؤكد صورة (العربي البشع) في مخيلة الإعلام الغربي، ولماذا نعطي هذا الإعلام أخطر سلاح يمكن أن يحاربنا به، وهو سلاح المتاجرة بحليب الأطفال؟
الطفولة لها حصانتها وامتيازاتها، ولا يجوز أبداً مهما كانت الذرائع والأسباب والضرورات الإستراتيجية، أن يسقط الأطفال تحت أقدام المتحاربين.
ثم إنه لا يجوز لنا أن نعطي الإعلام العالمي ذريعة جديدة للتشهير بهمجيتنا وتخلفنا، ولا إنسانيتنا!
فاللعب بورقة الطفولة لعبة بمنتهى الحساسية والخطورة لأن الرأي العام العالمي يمكنه أن يتسامح بأي شيء، والعفو عن أية جريمة إلا جريمة تجويع الأطفال.