مبادرات بالجملة
مبادرات.. مبادرات.. مبادرات..
يطرحها الرئيس العراقي على العالم بالجملة والقطاعي.. بالرطل والكيلو.. باللغة العربية وباللغة الفارسية.. وكلها إن دلت على شيء فإنما تدل على التخبط، والإفلاس السياسي.
إنه يقفز فوق الحواجز الجغرافية، والتاريخية والعقلانية، متصوراً أن ما يفعله شطارة، ودبلوماسية، في حين إن العالم يستقبل كل هذه المبادرات بالشفقة والرثاء والسخرية.
هل من الممكن أن يبتلع دولة الكويت صباحاً.. ثم يجمع هيئة أركانه، وأعضاء القيادتين القومية والقطرية ليسألهم: أين سنتغدى أيها الرفاق؟
وفي أي مكان سنتعشى؟ ومع من نلعب الورق غداً؟؟
أكيد أن هذا الرجل لا ينام.. وأنه مرهق الفكر، وأكيد أنه أحرق كل المراكب وراءه، لذلك نراه يتعلق بأي خشبة طافية على وجه الماء حتى ينقذ نفسه، وينقذ نظامه.
وعندما تتحول الكوابيس الليلية إلى مبادرات، يصبح كل شيء ممكناً، فيتحول الأبيض إلى أسود، ويتحول الليل إلى نهار، ويتحول العدو إلى صديق، وتتحول أنهار الدماء التي سفكت في الحرب العراقية – الإيرانية إلى أنهار من الكوكاكولا.
هل ممكن أن ينقلب الرجل على نفسه مئة وثمانين درجة؟..
وهل يمكن لكل هذا الخراب أن يتكوم في المدن العراقية والإيرانية حتى الآن، ولعشرات الألوف من الأسرى والمعوقين والأرامل واليتامى، وهل يمكن لجهنم الحمراء التي بقيت تشتعل ثماني سنوات، أن تتحول إلى جنة تجري تحتها الأنهار؟
عندهم كل شيء ممكن.. من إلغاء الأوطان، إلى إلغاء الشعوب، إلى إلغاء التاريخ، إلى إلغاء الذاكرة.
لقد استقبلت إيران مشروع الرئيس العراقي للسلام بشماتة كبيرة وسخرية أكبر، فها هو شط العرب يعود إليها ملفوفاً بورقة سولوفان.
وها هي مطالب العراق التاريخية تتحول إلى بيوت من ورق..
وها هو التاريخ يبكي حزناً وقرفاً وإشفاقاً على من يكتبون التاريخ بدماء شعوبهم، ثم يلحسون ما كتبوه بعد خمس دقائق!!