رجل في داخل المرآة..
أيها الرجل المخبوء في زجاج مرآتي..
اكسر الزجاج
واشرب قهوة الصباح معي..
هناك.. فنجان ثان ينتظرك..
منذ سنوات..
تعودت أن أطلب دائماً فنجانَيْ قهوة..
واحداً لي
وواحداً للرجل المحفورِ في لحم المرآة..
أيها الرجل الذي يتجول بين أهدابي وقوارير كُحلي..
ويتدخل في رنين أساوري..
وأحجار خواتمي..
وألوان ثيابي..
أيها الديكتاتور الذي ينبش في أعماق خزائني
ويعرف عدد الحبات في عقودي..
أيها المسافر في تقاطيع وجهي
تعبت من ضوضائك..
فاخرج من مرآتي..
أيها العطر الرجولي.. الذي لا أعرف كيف أتّقيه..
أيها الشبح الذي أراه.. ولا أراه..
وأسمعه.. ولا أسمعه..
نسيت أن أسألك كيف تحب قهوتك..
فأنا أجهل حتى الآن عاداتك اليومية الصغيرة
أجهل ما نوع السجائر التي تدخنها..
وما نوع الكتب التي تقرؤها..
وما هي الموسيقى التي تحبها..
والمسارح التي ترتادها..
ثم نسيت أن أسألك..
ما هي البلاد التي تحب أن تسافر إليها..
وما هو شكل الصديقة التي تحب
أن تتناول العشاء معها..
طبعاً.. إن أمورك الخاصة لا تعنيني..
فأنا لا أفكر أن أتناول العشاء معك
وأنا لا أفكر أن أسافر إلى أي مكان معك..
يقولون: إن إسبانيا جميلة..
ويقولون: إن جزر الكاريبي.. جميلة..
ويقولون: إن فاكهة البحر في كازابلانكا..
وسنغافورة.. والإسكندرية.. رائعة..
ويقولون: إن خبز (الباغيت) في باريس..
يتناثر كفتافيت النجوم تحت الأسنان..
ويقولون: إن (فونتانا دي تريفي) في روما..
تجلب الحظ للعاشقين..
ولكنني.. لن أسافر أبداً معك..
ولن أقبل أبداً دعوتك إلى العشاء..
إلا إذا جمعت حوائجك في حقيبة..
وخرجت من المرآة..