فَتافِيتُ امْرأَة
أَيُّها السَّيِّدُ.. إنّي امرأةٌ نفْطيّةٌ
تَطْلُعُ كالخِنْجَرِ مِنْ تحْتِ الرِّمالِ..
تَتحدَّى كُتُبَ التَّنْجيمِ،
والسِّحْرِ..
وإِرْهابَ الممالِيكِ..
وَأَشْباهَ الرِّجالِ..
إِنَّني فاطمةٌ..
أصرُخُ كالذّئبةِ في اللّيلِ،
وسيّاراتُ أهْلِ الجهل جاءَتْ لاعْتِقالي
أيّها السيِّدُ..
إنّي امْرأةٌ مَجْنونةٌ جِدّاً..
ولا وَصْفَ لِحالي.
إنَّ عِشْقي لكَ مِن بابِ الخُرافاتِ،
فلا تَكْسرْ خَيالي..
2
أيُّها السَّيدُ: مَاذا بمَقادِيري فعَلتْ؟
لمْ يعدْ عِندي انتماءٌ غيرُ أنتْ..
إنَّكَ القوميّةُ الكُبرى التي تربِطُني.
وتَعاليمُكَ -يا مَولايَ- أحْلى ما قرَأتْ
كلُّ أوْراقي التي أحْمِلُها في سَفَري
فوقَها، رسْمُكَ أنتْ..
والمرايا.. لا أَرى وَجْهي بها
بلْ أرى وجهَكَ أنتْ..
(والكاسيتاتُ) التي أسمَعُها في خَلْوتي
عكسَتْ ذوقَكَ أنتْ..
لمْ يعُدْ عِندي مَكانٌ
بعدَما استعمرْتَ كُلَّ الأمكِنةْ
لم يعُدْ عِندي زَمانٌ
بعدَما صادرْتَ كلَّ الأزمِنةْ
أنتَ سَقْفي.. وغِطائي.. والسَّندْ
لم يعُدْ عِندي بِلادٌ..
بعدَما صِرْتَ البَلَدْ.
أيُّها المُحْتَلُّني شِبْراً فشِبْرا
أنتَ ألغيتَ عَناويني جميعاً
فإذا ما هتَفُوا باسْميَ
فالمقصُودُ أنتْ..
3
سيّدي، يا سيّدي
أيُّها الحَاكِمُني مِنْ غيرِ قانونٍ..
ومِنْ غيرِ شَرائعْ.
أيُّها الحابِسُني كالماءِ ما بينَ الأصابِعْ
أيُّها الطِّفلُ الذي لمْ أستطِعْ تهذيبَهُ
والذي أهديتُهُ الصَّيفَ..
وأهْداني الزَّوابعْ..
أيُّها الطِّفلُ الذي أخرجتُهُ مِن جَسَدي
كمْ أنتَ رائعْ!!
4
أيُّها السّيّدُ..
أهْلاً بِكَ في هَذي المدِينةْ.
أنا خبَّأْتُ بشَعْري لِحَبيبي يَاسمينَةْ
أيُّها المالِكُني..
مِن غيرِ أوراقٍ.. ومِنْ غيرِ شُهُودْ
أيُّها المحتلُّني..
مِنْ غيرِ إنذارٍ.. وخَيلٍ.. وجُنُودْ
أيُّها السَّاقطُ فَوقي كالرُّعودْ
كانَ لي قبْلَكَ أرْضٌ.. وحُدودْ
وأضعْتُ الأرْضَ في الحُبِّ..
وضيَّعْتُ الحُدودْ..
5
أيُّها السّيدُ..
اخرُجْ مِنْ جِهازي العَصَبيْ
مِنْ كِتاباتي..
وحِبْري..
وسُطُوري..
وشَرايينِ يَدَيْ..
أيُّها السّيدُ اخرُجْ
مِن مَلاءاتِ سَريري..
مِن رَذاذِ الماءِ ينسَابُ على جِسْمي صباحاً
من دَبابيسي.. وأمْشَاطي..
وكُحْلي العَربيْ..
ليسَ مَعْقولاً..
بأنْ تبقى مُقيماً سَنةً كَاملةً في شَفتَيْ
ليسَ مَعْقولاً بأنْ تذبَحَني
ثُمَّ تُلقي تُهْمةَ الذَّبحِ علَيْ..
أيُّها السّيّدُ..
ارْفَعْ سَيْفَ إرهابِكَ عَنّي
إنَّ هذا ليسَ حُبّاً
إنّهُ..
– في أبْسَطِ الأَوصَافِ–
غزْوٌ بَربَرِيْ..
6
سَيّدي، يا سَيّدي
أيُّها اللابِسُني ثَوباً منَ النَّارِ عليكْ
هلْ مِنَ المُمكنِ..
أنْ ترفعَ عنْ صَدري وأنْفاسِي يدَيكْ؟
أحسَنَ اللهُ إلَيكْ..
هلْ منَ المُمكنِ أنْ تُعتِقَني
فأنا لا أُبْصِرُ الألْوانَ دُونَكْ
وأنا لا أسْمَعُ الأصْواتَ..
دونَكْ..
وأنا لا أعْرِفُ الشَّمْسَ، ولا البَحْرَ،
ولا الليلَ، ولا الأَفْلاكَ دونَكْ
أيُّها السّيدُ..
إنّي كُنْتُ في بحْرِ بِلادِي لُؤْلُؤةْ..
ثمَّ أَلْقاني الهَوى بينَ يدَيكْ..
فأنا الآنَ فَتافِيتُ امْرأةْ.
أيُّها السّيدُ..
لوْ حاولْتَ أنْ تُمْسِكَني..
لنْ تَرى إلَّا فَتافيتَ امْرأةْ..
لنْ تَرى إلَّا فَتافيتَ امْرأةْ..
لنْ تَرى إلَّا فَتافيتَ امْرأةْ..