وَصَلَ السَّيْفُ إلى الحَلْق
1
وَصَلَ السَّيْفُ إلى الحَلْقِ..
وما زَالَ لدينا شُعراءٌ يكتُبونْ
وَصَلَ السِّلُّ إلى العَظْمِ،
وما زالَ لدينا شُعراءٌ يكذِبُونْ
ويَقولونَ على الأَوراقِ.. ما لا يَفْعلونْ
ما الّذي نفْعَلُ في المِرْبَدِ؟
والآفاقُ جَمْرٌ، وشَظايا، ودِماءْ
ضَجِرَتْ منّا كَراسِينا..
فما نَعْرِفُ صَيفاً، أو شِتاءْ
يا زَمانَ الصَّرْفِ، والنَحْوِ، شَبِعْنا عَبثاً
وكَلاماً فارِغاً..
ووِشاياتِ نِساءْ..
أَعْطِني سَيْفاً..
وخُذْ مِنّي دَواوينَ جَميعِ الشُّعراءْ
أعطِني عَدْلاً..
وخُذْ منّي تعاليمَ جَميعِ الزعماء
أعْطِني خُبزاً..
فما يُشْبِعُني خُبْزُ المسَّاءْ
أَعْطِني الشَّعْبَ..
وخُذْ تِيجانَ عصر الخُلَفاءْ..
ما الذي نفْعَلُ في المِرْبَدِ صُبْحاً ومَساءْ؟
وعلى أيِّ مَقامٍ سيُغنّي المُطْرِبونْ؟
وعلى أيِّ سَريرٍ لُغَويٍّ..
سيَنامُ النَّائِمونْ؟
أعْطِني شِبْراً منَ الأرضِ يُسمّى وَطناً
ما بهِ مِشْنقةٌ.. أو مُخْبِرونْ
أعْطِني شِبراً منَ الأرضِ يُسمَّى وَطناً
لا تُغطِّيهِ المَنافي والسُّجُونْ..
وصَلَ السَّيفُ إلى الحَلْقِ..
وما زَالَ لدينا شُعراءٌ يكتبونْ..
وصلَ السِّلُّ إلى العَظْمِ..
وما زالَ لدينا شُعراءٌ يَكذبونْ
ويَقولونَ على الأوْراقِ ما لا يَفعلونْ.
2
أيُّها المِرْبدُ..
خَلِّصْنا بحَقِّ اللهِ ربِّ العالمينْ
منْ بُطولاتِ السُّكَارى
وحِوارِ الميّتينْ
الدِّيناصُوراتُ ما زالتْ هُنا..
تأكُلُ القَاعةَ.. والأبْوابَ.. والمُستمِعينْ
الدِّيناصُوراتُ تنقَضُّ علَينا
بالقَوافي، والهَراواتِ الثَّقيلةْ
بعدما غابتْ ملايينَ ملايينَ السِّنينْ
أيُّها المربَدُ،
أوقِفْ هذهِ المذبحَةَ الكُبْرى
وأغْلِقْ خَيمةَ المُرتَزِقِينْ
رجَعَ الموتى.. ولكنْ بثِيابِ المُحْدَثينْ..
فاعلاتُنْ فاعلاتُنْ فاعِلاتْ
رَمَلٌ في رَمَلٍ في رَمَلٍ
رَجَزٌ في رَجَزٍ في رَجَزٍ
خَبَبٌ في خَبَبٍ في خَبَبٍ
إنّها معْركَةُ الوَزْنِ..
فمنْ يرفعُ عن أعْناقِنا سيْفَ الرَّنينْ؟
يا زَمانَ الوَشيِ.. والتَّرصيعِ.. والتَّشطيرِ..
والتَّربيعِ.. والتَّخميسِ..
والصُّنَّاعِ.. والمُحترفينْ..
وَصلَ القَيءُ إلى الحُلقُومِ..
فلْيسقطْ جميعُ النَّاظمينْ
يا زَمانَ الانْهياراتِ، شَبِعْنا
منْ دَكاكينِ السِّياساتِ، وغشِّ اللاعِبينْ
يا زَمانَ الانْكساراتِ، لماذا
يلثُمُ الشِّعرُ نِعالَ الفَاتِحينْ؟
يا زمانَ القَتْلِ في (صَبرا) و(شَاتِيلا)..
لماذا يسْكُتُ الشِّعرُ أمامَ الذَّابحينْ؟
يا زَماناً ما لهُ وَصْفٌ، لماذا
تَلْحَسُ الكِلْمَةُ أقْدامَ أميرِ المُؤمنينْ؟..
أيُّها المربدُ..
ها نحنُ سَقَطْنا بينَ أنيابِ النُّحاةْ
مافياتٌ.. مافياتْ
أصبحَ الشِّعْرُ بأيدِي المافياتْ
أصبحَ النَّقدُ بأيدِي المافياتْ
فاعلاتُنْ فاعلاتُنْ فاعلاتْ
يا زمانَ العَرَبِ الرُّحَّلِ..
يا عَصْرَ المنافي والشَّتَاتْ
يا زَماناً عربِيّاً..
لم تَعُدْ تنفَعُ فيه الكَلِماتْ..
يا زمانَ القُبحِ.. من أينَ يَجيءُ المُبدِعونْ
في بِلادي؟
وعلى أيِّ صليبٍ من دُموعٍ يُولَدونْ؟
أعطِني شِبْراً منَ الأرضِ يُسمَّى وطناً
ما بِهِ مِشْنَقةٌ.. أو مُخْبِرونْ
أعطِني شِبراً منَ الأرضِ يُسمَّى وَطناً
لا تُغطِّيهِ المَنافي والسُّجُونْ..
وصَلَ السَّيفُ إلى الحَلْقِ..
وما زالَ لدينا شُعراءٌ يَكتبونْ
وصَل السِّلُّ إلى العَظمِ،
وما زالَ لدينا شُعراءٌ يكذِبونْ
ويَقولونَ على الأوْراقِ ما لا يَفْعلونْ..
أيٌّها السَّادةُ..
ماذا يفْعلُ الشِّعرُ هُنا
بينَ رَيحانِ البَساتينِ.. ورَيْحانِ الخُدودْ؟
ما الّذي يُنشِدُهُ الشَّاعرُ،
في عصْرِ الخِياناتِ، وفي عصْرِ الجُحودْ؟
أتُرى نحنُ نُغنّي عصْرَنا
أمْ نُغنّي عصْرَ عادٍ وثَمودْ؟
يا زَماناً..
ما لهُ لونٌ، ولا طَعْمٌ، ولا رائِحةٌ
رحلَ الأعْرابُ عنهُ، وأتى المسْتَعرِبونْ
واستقالَ السَّيفُ من أحلامِهِ،
واستقالَ الفاتِحونْ
وصَلَ السَّيفُ إلى الحَلْقِ..
وما زالَ لدينا شُعراءٌ يَكتبونْ
وصَل السِّلُّ إلى العَظمِ،
وما زالَ لدينا شُعراءٌ يكذِبونْ
ويَقولونَ على الأوْراقِ ما لا يَفْعلونْ..
أيُّها الشِّعْرُ الذي
يُحْرِقُ بالكبريتِ أشْجارَ السَّماءْ
يا الذي يأكُلُ منْ قلبي صَباحاً ومَساءْ
يا الذي يَحْفِرُني حتّى العَيَاءْ..
كيفَ تَرْضى موقِفَ الذُّلِّ،
أليسَ الشِّعرُ نجل الكِبْرياءْ؟