لَا تَلُمْنِي يَا حَبِيبِي إِنْ تَوالَى أَلَمِي
وَاكْتَسَتْ نَضْرَةُ أَيّامِي بِلَوْنِ الظُّلَمِ
فَتَطَلَّعْتُ إِلَى الحُبِّ الحَنونِ المُنْعِمِ
وَتَرامَيْتُ عَلَى حِضْنِكَ.. أُلْقِي ضَرَمِي
وَلِمَنْ أَشْكو عَذَابِي؟ وَعَلَى مَنْ أَرْتَمي؟
أَنَا لا أَمْلِكُ إِلَّا أَنْتَ.. مِنْ مُعْتَصَمِ
أَنْتَ أَدْنَى لِي بِعَهْدِ الحُبِّ مِنْ ذِي رَحِمِ
فَتَقَبَّلْ بَعْضَ هَمِّي، وَتَحَمَّلْ لَمَمِي
أَنْتَ أُمِّي، وَأَبِي، أَنْتَ حَبِيبِي تَوْءَمي
أَنْتَ يا نَبْضَةَ قَلْبِي.. أَنْتَ يا مَجْرى دَمِي..
آهِ لَوْ تَعْرِفُ مَأْساةَ طَرِيقِي المُظْلِمِ
كَيْفَ أَرْوِيها وَقَدْ بَدَّدَ يَأْسِي كَلِمي
كَيْفَ أَحْكيها وَقَدْ مَاتَ حَديثِي فِي فَمي؟
وَاسْتَباحَ الصَّمْتُ لَحْني فَتَهاوَى نَغَمِي
وَعَدا الدَّهْرُ عَلَى ضَعْفِي بِعُنْفِ المُجْرمِ
وَمَضَى يَحْصُدُ مِنْ لَيْلي ضِياءَ الأَنْجُمِ
ثُمَّ ألْقَاني مَدى العُمْرِ بِلَيْلٍ مُعْتِمٍ
وَأَحَالَ الشَّمْسَ نَاراً تُفْتَدى بِالحُمَمِ
قَدري هَذا يُعَادِيني كَطِفْلٍ نَهِمِ
رَضِعَ الإِثْمَ فَلَمَّا فَاتَ سِنُّ الحُلُمِ
هامَ بِالشَّرِّ وَبِالضُّرِّ كَأَنْ لَمْ يُفْطَمِ
وَيُوالِينِي مِنَ اليَأْسِ بِسَيْلٍ عَرمِ
فَأَجِرْنِي يَا حَبيبِي مِنْ مَصِيري المُظْلِمِ
وَانْتَشِلْنِي يَا أَميري، مِنْ مَهاوِي العَدَمِ
كَيْفَ ألْقَى فِي ضُحى الأَيّامِ لَيْلَ المَأْتَمِ
إِنَّني فِي زَهْرَةِ العُمْرِ، فَأَدْرِكْ بُرْعُمي
وَأَعِدْ لِي بَهْجَةَ العَيْشِ، وَسِحْري المُلْهِمِ
وَتَخَطَّرْ فِي شَبابي، كَرَقيقِ النَّسَمِ
وَتَأَلَّقْ.. فِي رَبيعي، بِجَميلِ النِّعَمِ
وَترَنَّمْ فِي أَغَانيكَ بِنَجْوَى المُغْرَمِ
وَارْتَفِعْ بِي مِنْ ثَرَى اليَأْسِ، لِأَعْلَى القِمَمِ