لا تَسَلْ عَنْ لَوْنِ مَأْساتِي وَمَجْرَى عَبَراتِي
لَوْعَةٌ لَمْ تَدْرِها قَبْلي ثَكالَى الأُمَّهاتِ
وَلَدي كَانَ حَبِيبِي، وَرَجائي، وَحَياتي
وَلَدي كَانَ أَبِي.. كَانَ أَخِي.. بَلْ كَانَ ذاتي
كَانَ لِي تَاجاً عَلَى رَأْسِي كَتاجِ المَلِكاتِ
كَانَ إِلْهامِي، وَإِبْداعي، وَأَحْلَى أُغْنياتِي
شاعِريّاً، وَنَدِيّاً، كَأَرَقِّ النَّسَماتِ
وَعَطوفاً، وَأَبِيّاً، وَكَريمَ اللَّفَتاتِ
وَلَدي.. كَانَ سَنَى عَيْنِي، وَحُلْمِي فِي سُباتِي
وَمَتاعِي فِي وُجودِي، وَدُعائي فِي صَلاتِي
كُلُّ هَذا ضَاعَ مِنْ كَوْنِي بِإِحْدى الغَفَوَاتِ
كُلُّ هَذا لَمْ يَعُدْ لِي مِنْهُ غَيْرُ الذِّكْرَياتِ
غُرْفَةٌ تَبْكِي عَلَى سَيِّدِها بِالحَسَراتِ
لُعَبٌ تَبْحَثُ عَنْ لاعِبِها دُونَ أَناةِ
كُتُبٌ تَسْأَلُ عَنْ صاحِبِها أَنَّى مَوَاتِي
صُوَرٌ مَجْلُوَّةُ الحُسْنِ بِأَحْلَى البَسَماتِ
آهِ مِنْ نَاري، وَمِنْ يَأْسِي، وَمِنْ ضَعْفِ ثَباتي
قَدْ تَوَالَتْ حَسَراتِي، وَتَهاوَتْ خُطُواتِي
لَا تَرَى عَيْنايَ غَيْرَ اللَّيْلِ يَا نُورَ حَيَاتِي
وَأَراني فِي ظَلامِ البَيْتِ أَحْيَا فِي فَوَاتِ
وَصِغارِي فِي رَحَى المِحْنَةِ حَيْرَى النَّظَرَاتِ
سَأَلُوا أَيْنَ أَخُوهُمْ.. أَهْوَ مَاضٍ؟ أَهْوَ آتِ؟
قُلْتُ والدَّمْعُ سَخينٌ ذَائِبٌ فِي نَبَراتي:
إِنَّهُ فِي الغَيْبِ.. بَيْنَ السُّحْبِ.. فَوْقَ النَّيِّراتِ
وَلَدي.. لَيْتَكَ تَدْرِي كَيْفَ بَاتَتْ أُمْسياتي
لَوْ بِساطُ الأَرْضِ طِرْسي، وَلَوِ البَحْرُ دَوَاتِي
لَمَلَأْتُ الكَوْنَ إِيقَاعاً حَزينَ الصَّفَحاتِ
فَسَلِ الرَّحْمَنَ فِي أَيّامِ عُمْري البَاقِيَاتِ
رَحْمَةً مِنْهُ، تُعَزِّيني إِلى يَوْمِ مَمَاتِي
إِنَّ إيمانِي بِرَبِّي وَحْدَهُ طَوْقُ نَجَاتِي