العدالة المتأخرة
بعدما ضرب الذي ضرب.. وهرب الذي هرب..
وبعدما أفرغ الجيش العراقي الظافر، كل ما في البيوت الكويتية من فضة، وذهب، وتلفزيونات، وثلاجات، ومكيفات هواء، وساعات، وخواتم، وأساور، وأحذية نسائية..
بعدما أكل “الجراد الصديق” الأخضر واليابس في مدينة الكويت، وبعدما أفرغوا المصارف، والمحلات التجارية، والسوبر ماركت، من محتوياتها.. ونقلوا كل سيارة تعجبهم إلى بغداد، وبعدما استحلوا على طريقة المغول والتتار كل ما وقع تحت أيديهم مما خف وزنه وغلا ثمنه، وبعدما قشطوا اللحم عن عظامنا.. وتركوا منازلنا قاعاً صفصفاً..
أمر سيادة الرئيس العراقي، أطال الله عمره، ونصر جنده، بإعدام كل جندي عراقي يقوم بأعمال السرقة والنهب، لأن هذا العمل يتنافى وقواعد الجوار ومناقبية العرب، والأخلاق العربية..
يا سلام.. على مبادئ حسن الجوار التي مضغتها جنازير الدبابات.
يا سلام على إنسانية عمر بن الخطاب.
وأخيراً.. يا سلام على العدل الذي يأتي بعد قطع رأس المظلوم والتمثيل بجثته.
الحقيقة أن عاطفة هذا الرئيس أبكتنا.. وغيرَتُه على أموالنا، وبيوتنا، وأعراضنا.. حركت أعماقنا.
فباسم عشرات الألوف من الكويتيين الذين حولتهم خلال ثمان وأربعين ساعة إلى فقراء، ومتسولين..
وباسم آلاف الأطفال الكويتيين الذين استفاقوا يوم 2 أغسطس / آب، ليجدوا أنفسهم من دون أسماء، ومن دون آباء، ومن دون مدارس، ومن دون مستقبل.
باسم الوطن الصغير الذي وضعته في جيبك تحت شعار الوحدة العربية الكبرى، وانضمام الفرع إلى الأصل، وتصحيح التاريخ..
باسم مسرحية اللامعقول.. التي يتابع العالم فصولها، ولا يفهم شيئاً..
نشكرك على المرسوم الذي استصدرته بإعدام كل جندي عراقي يسرق بيتاً كويتياً.
فهل تسمح لي، يا سيادة الرئيس، أن أسألك سؤالاً مختصراً:“.. والذي سرق الوطن الكويتي كله.. ما عقوبته؟”.