سوف نبقى غاضبين
سوف نبقى واقفينْ
مثلَ كلِّ الشجرِ العالي، سنبقى واقفين.
سوف نبقى غاضبينْ.
مثلما الأمواجُ في البحر الكويتيّ..سنبقى غاضبينْ
أبداً.. لن تسرقوا منا النهارا
أيها الآتونَ في الفجرِ على دبّابة
من رأى دبابةً تُجري حوارا؟
أبداً.. لن تجدوا في وطني
نجمةً واحدةً ترشدُكُمْ
نخلةً واحدةً تذكُركُمْ
طفلة واحدة تشكركم
ربما حطمتم أبوابنا
ربما روعتم أطفالنا
ربما هدمتم البيت الكويتي
جداراً.. فجداراً..
غير أنا سوف نبقى..
مثلما الأشجار تبقى..
مثلما الأنهار، والغابات، والوديان،
والأنجم تبقى..
مثلما حرية الإنسان تبقى
فاسحبوا خنجركم من لحمنا
وأعيدوا لؤلؤ البحر إلينا.. والمحارا
وارجعوا من حيث جئتم
نحنُ قومٌ نرفضُ القهرَ..
كباراً وصغارا
حيث تمشونَ على أرض الكويتْ
سيصيرُ الرملُ جمراً
ويصيرُ البحرُ نارا
أيها الجارُ الذي كانَ مع الأيامِ جارا
يا الذي روّعتَ آلافَ المها
إنَّ قتلَ الكحلِ في العينينِ، لا يدعى انتصارا
إن ما سميتهُ ملحمةً كبرى،
أسميهِ انتحارا..
أيها الجارُ الذي هدمَ داري
وأنا عمرتُ في قلبي له ركناً ودارا..
إنني مكسورةٌ.. مقهورةٌ.. ذاهلةٌ..
تقذفُ الخيبةُ أحلامي يميناً ويسارا..
يا الذي أهديتهُ الماءَ.. وأهداني الصحارى
يا الذي أهديتهُ الأفقَ.. وأهداني.. الحصارا
يا الذي أهديتهُ نصراً من الله..
وأهداني احتلالاً.. وانكسارا..
يا الذي أحرقَ أسرابَ العصافيرِ..
وما قدّمَ للريش اعتذارا.
لا تؤاخذني، إذا جنَّ جنوني
أنتَ لم تتركْ لإنسانٍ خيارا..
أيها الماشونَ في الفجر على أجسادنا
إنني أسألكم، ماذا اقترفنا؟
هل كفرنا بمواثيق الهوى، ذات يومٍ
هل كفرنا؟
نحنُ في السراءِ كنا معكمْ
نحن في الضراءِ كنا معكمْ
فلماذا تزرعونَ السيف في خاصرتي؟
ولماذا تستبيحونَ حمى عائلتي؟
ولماذا تملؤونَ الوطنَ الآمنَ موتاً ودمارا؟
أيها الماشونَ في الفجرِ على أشلائنا..
ما الذي يجدي صراخي؟
ما الذي يجدي كلامي؟
وأنا مسحوقةٌ حتى عظامي
من ترى يسمعُ صوتي؟
وأنا مدفونةٌ تحت الركام
عندما يطعنني في الظهرِ سيفٌ عربيٌ
يصبحُ التاريخُ عارا..
عندما يذبحني أبناءُ عمي
في فراشي..
يصبحُ الحلمُ العروبيُّ.. غبارا..
لندن 10/8/1990