أمُّ الشّهيد
رأيتُها ملتفّةً بالسوادْ
في وجهِها ملحمةٌ من حدادْ
مَقروحةُ الجفنِ على فلْذةٍ
من كِبْدها الحرّى طواها الرّماد
تشكو إلى اللهِ جِراحاتِها
بآهةٍ تخلعُ قلبَ الجمادْ
في ليلةِ العيد تهاوى ابنُها
مستشهداً في غمراتِ الجِهاد
ولم تزلْ نجواه في سمعِها
ولم تزلْ صورتُه في الفؤاد
سألتُها عنه فقالتْ: فتى
ملتهبُ العزم، كريمٌ، جوادْ
لمّا دعا للثأر داعي الحِمى
وهبتُهُ للهِ.. ربِّ العباد
فراحَ ملهوفاً على حقّه
مؤرَّقَ النوم، عنيدَ الوِسادْ
يطهّرُ الأرضَ من المعتدي
ويفتدي بالروح حقَّ البلاد
هبَّ مع الأبطالِ في جمعِهم
يهتِفُ بالعودة في كلِّ واد
وخرَّ في الساحة مُستشهداً
يردِّدُ الصيحةَ بين الوِهاد:
لا تتركوا السَّيفَ على غمدِه
فتارِكُ السَّيفِ عدوُّ الرَّشاد
وقبِّلوا المدفعَ يثأرْ لكم
ولا تُبالوا بالليالي الشِّدادْ
حتى تعودَ الأرضُ صفْواً لنا
ويرجعُ الكوخُ، ويحلو الرُّقادْ
ويسمعُ الليلُ أغاريدَنا
في مُلتقانا، في ليالي الحصادْ
ويفرحَ الحقُّ بنا عندما
تزولُ أسطورةُ أرضِ المَعادْ..