ليت
ليت أمي ولدتني في زمان الجاهلية..
بين قوم يئدون البنت في المهد صبية
قبل أن تصبح أماً ذات أزهار ندية
وتذوق الثكل والسقم وألوان البلية
ليت أمي ساعة الميلاد كانت وأدتني..
ولدتني، لأعاني عمري إذ ولدتني..
ليتها بين رؤى أحلامها نشدتني..
المآسي حطمتني.. الرزايا بددتني..
ليت ربي حين قدر لي هذي الحياة
لم يصغني بشراً يحمل في القلب أساه
بل فَراشاً في الفيافي، أو نباتاً في الفلاة
أو شعاعاً في الدياجي، أو غناء في الشفاه..
ليتهم يوم زفافي.. كان للقبر زفافي
ليتهم سلّوا عيوني.. ليتهم أنهوا مطافي
قبل أن ينزع مني الدهر أعماق شغافي
ثم يلقي بي إلى الوحدة في سود الضفاف..
ليتنا نحيا مدى أيامنا للأبد..
كلما أنظر..ألقى في جواري ولدي
وألاقيه بحضني.. كلما امتدت يدي
وأنا آمنة من غدر يومي وغدي
ليت باقي العمر لا يغدو سويعات قصيرة
ثم أمضي لرحاب الله في أحلى مسيرة
لألاقي عند من كان للقلب أثيره
وأناجي سحر عينيه، وأستاف عبيره
ليت أن المرء منذ البدء يدري قدره
فهو لا يفجأ عند الحادثات المنكرة
وخيول الصبر تعدو فتعفي أثره
ويرى الأحداث منذ المهد حتى المقبرة
ليتنا ندرك ماذا.. خلف أستار الرواية؟
بعد أن يستأثر الموت بأبطال الحكاية
أفناء، ثم بعثٌ، ونشورٌ، وبدايةْ..
تجمعُ الأحباب في ظل حياة اللانهاية؟
إن يكن هذا.. فيا رباه عجل بالمصير
وأجرني من عذابي.. أنت يا خير مجير
قرب الموعد يا ربي إلى يومي الأخير
هات يوم البعث، واجمعني بمحبوبي الصغير.