آخر السيوف
|
|
ها أنتَ ترْجعُ مثلَ سَيْفٍ مُتْعَبٍ
|
لتنامَ في قَلْبِ الكُوَيْتِ أخيرا
|
يا أيّها النَّسْرُ المُضَرَّجُ بالأسى
|
كَمْ كُنْتَ في الزمن الرديءِ صَبُورا
|
كَسَرَتْكَ أنباءُ الكُوَيت، ومَنْ رأى
|
جَبَلاً، بِكُلّ شُمُوخِهِ، مَقْهُورا؟
|
ما كان يُمكنُ أن تَعيشَ لكيْ تَرَى
|
بابَ العَرينِ، مُخَلَّعاً.. مَكْسُورا
|
صَعْبٌ على الأحْرارِ أن يَسْتَسْلِمُوا
|
قَدَرُ الكَبيرِ، بأن يَظَلَّ كَبيرا
|
يا فارِسَ الفُرْسَان، يا ابْنَ مُباركٍ
|
يا مَنْ حَمَيْتَ مَدَاخِلاً، وثُغُورا
|
شَرِبَتْ خُيولُكَ دَمْعَها، وصَهيلَها
|
كَيْفَ الخُيولُ تَمُوتُ؟ لا تَفْسِيرا
|
ما عادَ بَحْرُكَ أزرَقاً، يا سَيِّدي
|
فَكَأَنَّمَا صارَ النَّهارُ ضَريرا..
|
الإخْوَةُ الأعْداءُ مَرُّوا مِن هُنا
|
كَيْ يَمْلؤوُا تَاريخَنا تَزْوِيرا
|
شَنَقُوا الغَنِيَّ على مَشانِقِ حقْدهمْ
|
أمَّا الفقيرُ فلا يزالُ فَقيرا..
|
غَدَرُوا بِهارُونِ الرَّشيدِ.. وأحْرَقُوا
|
كُتُبَ التُّراثِ.. وأعْدَمُوا المَنْصُورا
|
عَبَثُوا بِأَجْسادِ النِّسَاءِ.. ودَنًّسُوُا
|
قَبْرَ الحُسَيْنِ، ودَمَّرُوا تَدْميرا..
|
لَمْ يَتْرُكُوا في الحَقْلِ غُصْناً أخْضَراً
|
أو نَخْلَةً مَيْساءَ.. أو عُصْفُورا
|
قَصَمُوا الكُوَيْتَ.. كأَنَّهَا تُفَّاحَةٌ
|
وَرَمَوا ثِيابَ القاصِراتِ قُشُورا
|
مَنْ ذا يُحاسِبُ حاكِماً مُتَسلِّطاً
|
ذَبَحَ الشُّعوبَ حَمَاقَةً.. وغُرُورا؟
|
يا سيِّدي.. إن الشُّجُونَ كَثيرةٌ
|
فاذْهَبْ لِرَبِّكَ، راضِياً مَبْرُورا
|
يتَفَتَّتُ التاريخُ بينَ أصابعي
|
وأُشاهِدُ الوَطَنَ الجَميلَ كَسيرا
|
خَذَلُوك، يا شَيْخَ العُرُوبَةِ، عِنْدَما
|
جَعَلوا العُرُوبَةَ، مَسْلَخاً وقُبُورا..
|
ذَبَحوا الطُّمُوحَ الوَحدَوِيَّ مَن الذي
|
يَرْضى بأن يَتَزوَّجَ السَّاطُورا؟
|
جاؤوا إليكَ.. لِكَيْ تُبارِكَ فِعْلَهُمْ
|
يأبى الإباءُ بأن يكونَ أجيرا..
|
أأبا مُبارَكَ.. كُنْتَ أنتَ قَبيلَتي
|
وجَزيرَتي.. والشَّاطِئ المَسْحُورا
|
يا خَيْمَتي وَسَطَ الرِّياحِ، مَن الذي
|
سَيَلُمُّ بَعدَكَ دَمْعِيَ المَنْثُورا؟
|
يا مَنْ ذَهَبْتَ، وما ذَهَبْتَ، كأنَّني
|
في الليلِ أسْمَعُ صَوْتَكَ البَلُّورا
|
أنْتَ الرَّبيعُ.. فَلَوْ ذَكَرتُكَ مَرَّةً
|
صارَ الزَّمانُ حدائِقاً.. وعبيرا
|
أأبا مُبَارَكَ، لو هُناكَ مَدامِعٌ
|
تَكْفي.. لَفَجَّرْتُ الدُّمُوعَ نُهُورا
|
مَنْ ذا يُغَطِّينا بِريشِ حَنانِهِ؟
|
مَنْ يَمْلأُ البَيْتَ الكَبيرَ حُضُورا؟
|
أنتَ السَّفينةُ، والمظلَّةُ والهوى
|
يا مَنْ غَزَلْتَ لِيَ الحَنَانَ جُسُورا
|
غَطَّيْتَني بِالدِّفءِ مُنْذُ طُفُولَتي
|
وفَرَشْتَ دَرْبِيَ، أَنْجُماً وحريرا
|
وحميتَ أحلامي بِنَخْوَةِ فارسٍ
|
لم تُلغِ رأياً أو قَمَعْتَ شُعُورا
|
اللّهُ يَعْلَمُ يا أبي.. ومُعَلِّمي
|
كَمْ كُنْتَ إنساناً.. وكُنْتَ أميرا..
|
أأبا مُبَارَك يا مَنَارَةَ عُمْرِنَا
|
يا دِرْعَنَا، وكِتابَنَا المأثُورا..
|
كُنْتَ الكُوَيْتَ أصَالَةً وحَضَارَةً
|
ومَنَاقِباً عَرَبِيَّةً وجُذورا..
|
البَحْرُ أنْتَ.. يَفيضُ عن شُطآنِهِ
|
قَدَرُ الكَبيرِ بأن يكون كَبيرا..
|
أأبــــــــــا مُبَارَكَ، سوف تبقى دائماً
|
في العينِ كُحْلاً.. والشِّفاهِ بَخُورا
|
يا آخِذَ الكَلِماتِ تَحْتَ رِدائِهِ
|
ما عُدْتُ بَعْدَكَ أُحْسِنُ التَّعْبيرا
|
لندن – حزيران “يونيو” 1991
|