بسم الله الرحمن الرحيم
معالي وزير الإعلام الأستاذ محمد أبو الحسن
الأستاذ الدكتور سليمان العسكري
أيّها الأصدقاء.. الأصدقاء..
في البدء ذهب المشرق إلى المغرب حاملاً سيفَ الفتح الإسلامي، ولغة الإسلام وكتابه..
وشأن كل الفتوحات.. يصمت السيف، ويبقى الكتاب.
فكيف إذا كان قرآناً كريماً باللغة التي صارت في وقتها لغة العالم الجديد الذي راح المسلمون يبنونه بهديٍ من كتابهم وبحماسةٍ لتشكيل معالم الحضارة الحديثة.
ذهب المشرقـيّـون إلى الغرب الذي صار بحضورهم عربياً، واعتنق رسالة النبي العربي عليه السلام مبشراً الدنيا بالميلاد الجديد.. لعالمٍ جديد.
جذوره في دينه وأحلامه في بناء نهضة غيرت وجه العالم.
لقد تحول الوجود العربي إلى قاعدة حضارية زهت على أوروبا، وراحت تغذي ثقافتها كما تنهل منها في تزاوج ثقافي يصحّ أن يكون نبراساً اليوم كما كان بالأمس.
كان من الطبيعي أن يعيد المغرب العربي الجديد إلى مشرقه صورة عطائه الذي ارتكز إلى الإسلام.. ديناً وفهماً ونهجاً، وأن تقوم بين المشرق والمغرب علاقة الحياة الغنية التي أثمرت ما نعرفه من علوم وآداب وفنون.. بعضها الموسيقى وبعضها الشعر الذي نعمنا به وتمتعنا (بعطره) عقوداً من الزمن ولا نزال.
ولهذا المغرب العربي ثقافة اختمرت في الذاكرة، حتى كانت رحلاتي إليه مزيجاً رائقاً من طيب الإنسان وطيب الثقافة، ولعل أجمل ما حفظت الذاكرة لقاؤنا – زوجي الشيخ عبدالله المبارك الصباح وأنا-بجلالة الراحل الكبير الملك الحسن الثاني، يومها تعرفت على وجه المغرب البهي رصانة وحكمة ونقاء..
وأحسب أن حوارنا يومها قد زرع في القلب اسم المغرب العربي الكبير الذي ظل مقيماً يدعوني إلى لقائه في رحلات تعددت على مدى الأربعين عاماً الماضية.
لقد ذهبت إلى المملكة المغربية وتونس.. وعدت أحمل منها أزكى العطر وأجمل الذكريات..
وإنني إذ أقف اليوم على منبر العربي مرحبة بكم جميعاً وشاكرة للعربي وللصديق الدكتور سليمان العسكري دعوته وتكريمه إنما أسجل مرة أخرى حباً في القلب لمغرب الشمس الذي لولاه لما أشرقت علينا من جديد بنعمة الحياة.
باسم المكرمين يسعدني أن أزجي عميق الامتنان لمجلة العربي وللصديق العزيز على هذه البادرة الهادفة إلى التعريف والتعارف وتوثيق العلائق الإنسانية والثقافية بين مشرق دنيانا ومغربها.
لقد دأبتُ على محاولة بناء جسر بين جناحي هذا النسر العربي العملاق كما فعل وأجاد كثيرون في طليعتهم المكرمون الأفاضل مؤسسات وأفراد
وإننــي باسمهم جميعاً أقــف محيّيــة كل محاولة جادة لضم الكتفين العربيين، فتكون الشمس ملعبنا، وكل الدنيا سماء مفتوحة أمام علمنا وثقافتنا
شكراً لكم يا أصدقاء الفكر
والسلام عليكم…