عندما أدخل كلية الآداب في جامعة الكويت أشعر أن الدار داري.. والأهل أهلي..
ونوافذ القمر مفتوحة لاستقبالي..
أحسّ هنا أن نبرة صوتي أكثر ارتفاعاً وضربات قلبي أكثر اتساعاً.. كما أحس أن هذه القاعة أكثر حناناً..
والشاعر بحاجة دائماً إلى جرعة حنان..
بحاجة إلى مكان أليف يكتظ بالحب والدفء الإنساني..
في الجامعة يكبر قلبي.. ويكبر قلب الشعر..
هنا أشعر أن مساحة الحرية بغير حدود..
ومساحة الديمقراطية بغير حدود..
ونحن الأدباء والشعراء قتلتنا الحدود..
ثم إنني في جامعة الكويت لا أقف في فراغ، إنما أقف على أرض العقل والمعرفة، وأستند إلى جدار التاريخ والتراث والانتماء القومي ومن هنا مصدر قوتي، لأنني أشعر بأنني ثابتة في الزمان والمكان.
إنني قوية بالكويت: قيمها قيمي، وجراحها جراحي، وعافيتها عافيتي، وإيمانها بالله والعدل والحرية هو إيماني..
وأنا مع الكويت في فرحها إذا فرحت، وفي غضبها إذا غضبت، وفي معاناتها إذا عانت.
أنا معها في زمن الورود، كما أنا معها في زمن العاصفة.
لقد أنعمت عليّ جامعات ودول ومؤسسات بأوسمة ودروع، لكن تكريمكم لي له مذاق آخر، وله لون آخر، ورائحة تعبق من أرض الوطن، وتمتزج فيها نكهة البحر بحلاوة التمر، بعطر القهوة المرة، وأعواد البخور، إنها الرائحة الكويتيـة النادرة الدافئة التي تخرج لنا حيث كنا..
إنني أُعلن في خشوع المؤمن، قبول هذا التكريم، الذي يشرفني ويملأ روحي بالعرفان نيابة عن ملايين النساء، اللواتي حاولت أن أكون الناطقة الرسميـة باسمهـن لأكثر من أربعين عاماً.
باسمي ـ أيها الأصدقاء ـ وباسم الرجل، الذي رعاني وحماني وغمرني ببحر فروسيته، أُهدي له باسمكم هذا التكريم، وأتقدم بشكري مفعماً بالإكبار والعرفان لقسم اللغة العربية في كلية الآداب، وللمؤسسات والمنظمات والمنتديات، ولكل من شارك في تكويني وتكريمي…
شكراً على هذا التكريم المخضب بعطر الوفاء
شكراً لكل من أطعمني من بيدر العلم قمحاً
شكراً لكل من كساني بريش المعرفة
شكراً لكل من قاسمني بساط الإنسانية
فأنا معكم أشعر بأنني أكثر ثباتاً، وأكثر شباباً، وأفصح لساناً،
فكل احتفال وأنتم بخير
وكل عام والكتابة بخير، والشعر بخير
والحرية بخير، ووطني بخيــر.